بعد أن تعرفنا على الاسم كعنصر ثابت في الجملة، ننتقل الآن إلى العنصر الذي يضفي الحركة والحياة على الكلام، وهو الفعل. وبحسب التعريف المبسط في الكتاب المدرسي، فإن الفعل معادلة تتكون من طرفين لا ينفصلان: (حدث + زمن).
 |
| شرح الفعل في اللغة العربية: أقسامه وعلاماته |
فالكلمة لكي تكون فعلاً، لا بد أن تخبرنا عن وقوع شيء ما، وتحدد لنا متى وقع هذا الشيء. هل حدث وانتهى؟ أم يحدث الآن؟ أم نطلب حدوثه في المستقبل؟ هذا الارتباط الوثيق بالزمن هو الفارق الجوهري بين الفعل والاسم.
أولاً: الفعل الماضي (ما حدث وانقضى)
النوع الأول هو الفعل الماضي، وهو كل كلمة دلت على حدث وقع وانقطع قبل زمن التكلم. يتميز هذا الفعل بأنه مبني دائماً، أي أن حركة الحرف الأخير فيه تظل ثابتة ولا تتأثر بمكان الكلمة في الجملة.
علامات بناء الماضي:
الأصل في الفعل الماضي أن يُبنى على الفتح، ولكن الصور أوضحت حالتين لهذا البناء:
- الفتح الظاهر: إذا كان الفعل صحيح الآخر (أي لا ينتهي بحرف علة)، تظهر الفتحة بوضوح عند النطق. ومثال ذلك من القرآن الكريم: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾، فالفعل "تبارك" ظهرت الفتحة على آخره.
- الفتح المقدر: إذا كان الفعل معتل الآخر بالألف، فإن الفتحة لا تظهر لصعوبة النطق (للتعذر)، مثل الفعل "سجى" في قوله تعالى: ﴿وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ﴾.
ثانياً: الفعل المضارع (الحدث المستمر)
القسم الثاني هو الفعل المضارع، وهو ما دل على حدث يقع في وقت التكلم (الحاضر) أو المستقبل. ويبدأ دائماً بأحد حروف كلمة "أنيت" (الهمزة، النون، الياء، التاء).
على عكس الماضي، الفعل المضارع "مُعرب" (تتغير حركة آخره)، والأصل فيه أن يكون مرفوعاً ما لم يسبقه ناصب أو جازم. وقد فصل الكتاب علامات رفع المضارع في النقاط التالية:
- الضمة الظاهرة: تكون في الفعل صحيح الآخر، مثل: (يكتبُ، يقرأُ، ينزلُ). ومنه قوله تعالى: ﴿يَنزِلُ الْغَيْثَ﴾.
- الضمة المقدرة: تكون في الفعل المعتل الآخر، إما "للثقل" إذا انتهى بالواو أو الياء (مثل: يدعو، يقضي)، أو "للتعذر" إذا انتهى بالألف (مثل: يسعى، يرضى).
- ثبوت النون: هي علامة رفع خاصة بـ "الأفعال الخمسة" (كل مضارع اتصلت به واو الجماعة، ألف الاثنين، أو ياء المخاطبة). مثال: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾، فالفعل "يؤمنون" مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون.
ثالثاً: فعل الأمر (طلب المستقبل)
القسم الثالث هو فعل الأمر، وهو طلب حدوث الفعل على وجه الإلزام في المستقبل. وكما هو الحال في الماضي، فإن فعل الأمر "مبني" دائماً، وقاعدته تعتمد على صحة الحرف الأخير في الكلمة.
قاعدة بناء الأمر:
إذا كان الفعل صحيح الآخر، فإنه يُبنى على السكون، كما في أول آية نزلت من القرآن: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ﴾، حيث تظهر السكون واضحة على الهمزة.
أما إذا كان الفعل معتل الآخر (ينتهي بألف أو واو أو ياء)، فإن قاعدة بنائه هي حذف حرف العلة.
وقد أورد الكتاب أمثلة قرآنية توضح هذه القاعدة ببراعة، مثل قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ﴾. فالفعل "ادعُ" أصله "ادعو" بالواو، ولكن الواو حُذفت لأنه فعل أمر، وعُوض عنها بالضمة للدلالة عليها. ومثله الفعل "اقضِ" (أصله اقضي)، و"اسعَ" (أصله اسعى).
خاتمة: إن فهم هذه الأنواع الثلاثة (الماضي، المضارع، الأمر) وعلاماتها الإعرابية هو المفتاح الأساسي للتحدث والكتابة بلغة عربية سليمة، وفهم النصوص القرآنية فهماً دقيقاً.