في بناء الجملة العربية، لا تقتصر الكلمات على أداء وظائف أساسية كالفاعل والمفعول فحسب، بل تأتي كلمات أخرى لتضفي دقة وجمالاً ووصفاً على هذه الأركان. ومن أهم هذه التوابع النحوية هو النعت أو ما يُعرف بـ الصفة. إنه تلك الكلمة التي تأتي لتوضح ملامح ما قبلها، فتبين صفة في الاسم نفسه، أو صفة في شيء يتعلق به.
![]() |
| النعت: شرح مبسّط يساعدك على الفهم بسرعة |
سنقوم في هذا المقال باستعراض شامل للنعت، بدءاً من تعريفه الدقيق، والفرق الجوهري بين النعت الحقيقي والسببي، وشروط المطابقة بين النعت ومنعوته في الإعراب والنوع والعدد والتعريف، وصولاً إلى تطبيقات عملية من آيات القرآن الكريم.
المفهوم والتعريف: ما هو النعت؟
النعت هو الصفة، نعتُّ الشيء أي وصفته. ومن الناحية الاصطلاحية، هو اللفظ الذي يُذكر بعد الاسم (المنعوت) لغرضين: إما لبيان صفة من صفات المنعوت نفسه، ويسمى في هذه الحالة النعت الحقيقي، أو لبيان صفة من صفات شيء يتعلق به ويرتبط به، ويسمى النعت السببي.
ولتقريب هذا المفهوم، طرح الكتاب مثالاً بسيطاً: دخل محمد الكريم. هنا كلمة "الكريم" نعتت محمداً نفسه، فهي نعت حقيقي. أما لو قلنا: دخل محمد الكريمُ أبوه، فإن كلمة "الكريم" هنا لم تصف محمداً، بل وصفت أباه الذي يتعلق به، وهذا هو النعت السببي.
الحكم الإعرابي للنعت (التبعية المطلقة)
القاعدة الذهبية التي تحكم النعت هي التبعية. فالنعت ليس له شخصية إعرابية مستقلة، بل هو "تابع" مخلص لمتبوعه (المنعوت) في جميع أحواله الإعرابية. القاعدة: "النعت يتبع المنعوت في الرفع أو النصب أو الجر".
- في حالة الرفع: ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ [التوبة: 5]. كلمة "الأشهر" فاعل مرفوع، لذا جاءت "الحُرمُ" نعتاً مرفوعاً بالضمة.
- في حالة النصب: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]. كلمة "الصراط" مفعول به منصوب، فجاء "المستقيمَ" نعتاً منصوباً بالفتحة.
- في حالة الجر: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: 1]. لفظ الجلالة "الله" مضاف إليه مجرور، فجاء "الرحمنِ" نعتاً مجروراً بالكسرة.
شروط المطابقة: متى يكون النعت مطابقاً؟
لا تقتصر التبعية على الإعراب فقط، بل تشمل جوانب أخرى:
1. المطابقة في الإفراد والتثنية والجمع:
- المفرد: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾.
- المثنى: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ﴾. نضاختان نعت مثنى مرفوع بالألف.
- الجمع: ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ﴾.
2. المطابقة في التعريف والتنكير:
- التعريف: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾. "الذين" معرفة نعت لـ "المؤمنون".
- التنكير: ﴿وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾. "بوراً" نكرة نعت لـ "قوماً".
3. المطابقة في التذكير والتأنيث:
- التذكير: ﴿وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾.
- التأنيث: ﴿فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾.
النعت السببي: الحالة الخاصة
النعت السببي يتبع ما قبله في الإعراب والتعريف والتنكير، ولكنه يتبع ما بعده في التذكير والتأنيث، ويلزم الإفراد دائماً.
مثال: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾. "الظالم" تبع "القرية" في الجر والتعريف، ووافق "أهلها" في التذكير، ولزم الإفراد.
أنواع المعارف التي يقع فيها النعت
- أسماء الأعلام: (محمد، موسى).
- المعرف بأل: (العلم، الميثاق).
- أسماء الإشارة: (هذا، هذه).
- الأسماء الموصولة: (الذي، التي).
- المعرف بالإضافة: (بيت الله).
تطبيقات عملية: استخراج النعت من القرآن
- ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾: كلمة "ربِّ" نعت للفظ الجلالة "الله".
- ﴿رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ﴾: "أولي" نعت لـ "رسلاً" منصوب بالياء.
- ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾: "فصل" نعت لـ "قول" مرفوع بالضمة.
ختاماً، يتضح لنا أن النعت هو المرآة التي تعكس صفات الأسماء وتوضحها. إنه تابع وفيّ، يقلد متبوعه في الحركات والسكنات، والتعريف والتنكير. وسواء كان نعتاً حقيقياً أو سببيًا، فإنه يمنح الكلام تحديداً وجمالاً.
ما هو النعت في النحو العربي?
النعت هو الصفة التي تأتي بعد الاسم لتوضّح معناه وتبيّن حاله.
ما الفرق بين النعت الحقيقي والنعت السببي?
النعت الحقيقي يصف المنعوت نفسه، أما النعت السببي فيصف شيئًا متعلقًا به.
لماذا يُسمّى النعت تابعًا?
لأنه يتبع المنعوت في الإعراب رفعًا أو نصبًا أو جرًا.
في ماذا يطابق النعت المنعوت?
يطابقه في الإعراب، والتعريف والتنكير، والتذكير والتأنيث، والعدد.
هل النعت السببي يطابق المنعوت تمامًا?
لا، بل يطابق الاسم بعده في التذكير والتأنيث، ويلزم الإفراد.
كيف أميّز النعت السببي بسهولة?
بوجود اسم بعد النعت يكون هو المقصود بالوصف.
هل يأتي النعت جملة أو شبه جملة?
نعم، قد يأتي مفردًا أو جملة أو شبه جملة.
ما أشهر الأخطاء في باب النعت?
عدم المطابقة بين النعت والمنعوت أو الخلط بينه وبين الحال.
