تتميز الجملة في اللغة العربية بكونها مشهداً متكاملاً له أبعاده الزمانية والمكانية. فالفعل لا يحدث في الفراغ، بل لا بد له من وعاء زمني يستغرقه، أو حيز مكاني يحتويه. هذا الوعاء هو ما يطلق عليه النحاة اسم المفعول فيه، والذي يُعرف بشكل أكثر شيوعاً بـ "الظرف". إنه الاسم الذي يحدد لنا "متى" حدث الفعل، أو "أين" وقع، مما يزيل الإبهام عن الجملة ويمنحها دقة التحديد.
 |
| المفعول فيه (ظرف الزمان والمكان) |
سنقوم في هذا المقال باستعراض شامل للمفعول فيه بقسميه (ظرف الزمان وظرف المكان)، موضحين الفرق بين المحدد والمبهم، وكيفية إعراب كل منهما، مع التركيز على الشواهد القرآنية التي توضح هذه المفاهيم بجلاء.
المفهوم والتعريف: ما هو المفعول فيه؟
يعرف المفعول فيه، بأنه: اسم منصوب يدل على زمان أو مكان وقوع الفعل. وتسميته بـ المفعول فيه دقيقة جداً، لأن الفعل يحدث "في" هذا الزمان أو "في" هذا المكان.
أمثلة أولية للتقريب، مثل: (يوم - أمام - ساعة - وراء). هذه الكلمات هي مفاتيح لمعرفة الإطار الزمني والمكاني للأحداث.
القسم الأول: ظرف الزمان (الإطار الزمني للفعل)
ينقسم ظرف الزمان إلى نوعين رئيسيين:
1. الظرف المحدد
هو ما دل على وقت معين ومحدود بحدود معروفة. ومن الأمثلة: (يوم - أسبوع - ساعة - عام - سنة). عندما تقول "سافرت يوماً"، فأنت تقصد مدة زمنية محددة بـ 24 ساعة.
2. الظرف المبهم
هو ما دل على وقت غير محدد وغير محدود بحدود دقيقة. ومن أمثلته: (أبد - أمد - حين - زمان). فكلمة "حين" قد تعني لحظة وقد تعني دهراً، لذا فهي مبهمة.
الحكم الإعرابي لظرف الزمان
القاعدة الذهبية تنص على أن: كلاهما (المحدد والمبهم) منصوب، وذلك إذا لم يُسبق بحرف جر. وللتدليل على ذلك، نستشهد بالآية الكريمة: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: 6].
- إعراب "يومَ": ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- أما إذا سُبق الظرف بحرف جر، فإنه يجر، كما في قوله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾ [البلد: 14]. إعراب "يومٍ": اسم مجرور وعلامة جره الكسرة.
القسم الثاني: ظرف المكان (المسرح المكاني للفعل)
ينقسم ظرف المكان أيضاً إلى نوعين:
1. الظرف المبهم
وهو ما دل على جهة أو مكان غير محدود بحدود هندسية مغلقة، مثل الجهات الست: (أمام - وراء - خلف - ناحية - يمين - يسار).
مثال قرآني: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾ [النبأ: 12]. إعراب "فوقَ": ظرف مكان منصوب بالفتحة.
2. الظرف المحدد
هو ما دل على مكان له حدود محصورة (مثل: مدرسة - مسجد - بيت). والظرف المكاني المحدد يُجر غالباً بحرف الجر (في المدرسة) ولا ينتصب على الظرفية.
الملاحظات الدقيقة حول الظرف (المبني والمعرب)
هناك ظروف تأتي "مبنية" وتلزم حركة واحدة، منها:
- "حيثُ": ظرف مكان مبني على الضم. شاهد: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ﴾.
- "الآنَ": ظرف زمان مبني على الفتح. شاهد: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ﴾.
- "إذْ" و"إذا": ظرفان للزمان مبنيان على السكون.
قاعدة الكلمات المضافة للظرف: الكلمة التي تأتي قبل الظرف (مثل كل، بعض، أو العدد) تأخذ حكمه في الإعراب (نائب عن الظرف).
مثال: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ﴾. كلمة "ثلاث" أخذت حكم النصب لأنها أضيفت للزمان.
تطبيقات عملية: تحليل الشواهد
- ﴿دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا﴾: "ليلاً" ظرف زمان منصوب بالفتحة.
- ﴿يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾: "يومَ" مفعول فيه منصوب بالفتحة.
- ﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾: "يوم" ظرف زمان منصوب مضاف إلى "إذ".
ختاماً، يتضح لنا أن "المفعول فيه" هو الإطار الذي لا تكتمل الصورة الذهنية للحدث بدونه. إنه يحدد مسرح الأحداث (المكان) وتوقيتها (الزمان). وسواء جاء الظرف معرباً منصوباً أو مبنياً في محل نصب، فإنه يظل عنصراً حيوياً في بناء الجملة العربية، ويكشف عن دقة القرآن الكريم في تحديد المواقيت والمواقع بدقة متناهية.
ما هو المفعول فيه (الظرف)?
هو اسم يدل على زمان وقوع الفعل أو مكانه.
ما الفرق بين ظرف الزمان وظرف المكان?
ظرف الزمان يحدد متى وقع الفعل، وظرف المكان يحدد أين وقع.
ما المقصود بالظرف المحدد والظرف المبهم?
المحدد يدل على وقت أو مكان له حدود معروفة، أما المبهم فيدل على وقت أو جهة غير محددة.
هل ظرف الزمان دائمًا منصوب?
الأصل أنه منصوب إذا لم يسبق بحرف جر، وقد يُجر إذا دخل عليه حرف جر.
هل ظرف المكان المحدد يُنصب مثل المبهم?
لا، الظرف المكاني المحدد غالبًا يُجر بحرف جر، بخلاف الظرف المبهم.
ما الفرق بين الظرف المعرب والظرف المبني?
المعرب تظهر عليه علامات الإعراب، والمبني يلزم حركة واحدة ويُعرب في محل نصب.
كيف أميز أن الكلمة ظرف وليست مفعولًا به?
إن أجابت عن سؤال متى أو أين فهي ظرف، وإن أجابت عن ماذا فهي مفعول به.
هل يمكن أن يأتي الظرف مجرورًا?
نعم، إذا دخل عليه حرف جر مثل: في يومٍ، على يمين الطريق.